الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.سورة هود: .فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة: .فصل في فضل السورة: يُذكر فيه حديثان ساقطا الإسناد: حديث أُبي: «من قرأَ سورة هود أُعطِىَ من الأَجر بعدد مَنْ صدّق نوحًا، وهودًا، وصالحًا، ولوطًا، وشعيبًا، وموسى، وهارون، وبعدد مَنْ كذَّبهم، ويعطيه بعددهم أَلف أَلف مدينة فيها من الفوز والنعيم ما يعجز عن ذكره الملائكة ولا يعلم إِلًا الرَّبُ الغفورُ الودود الشكور». وحديث علي: «يا علي مَن قرأَ سورة هود يخرج من الدّنيا كما يخرج يحيى بن زكريَّا طاهرًا مطهَّرًا، وكان في الجنَّة رفيق يحيى، وله بكلِّ آية قرأَها ثوابُ أُمِّ يحيى». اهـ. .فصل في متشابهات السورة الكريمة: .قال ابن جماعة: 998- مسألة: قوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} ما معناهما: وهل التفصيل غير الإحكام؟. جوابه: معناه: أحكمت آياته في اللوح المحفوظ، ثم فصلت في إنزالها على النبي صلى الله عليه وسلم بحسب الحاجة والمصلحة ذلك الوقت. 999- مسألة: قوله تعالى: {إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} هنا، وفي الأحزاب والبقرة وحم السجدة قدم البشارة؟ جوابه: لما قال هنا: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} ناسب تقديم النذارة على عبادة غير الله تعالى، وفي الأحزاب والبقرة كان الخطاب له، فناسب كرامته تقديم البشارة، وكذلك في {حم} ناسب ذكر الرحمة ووصف الكتاب تقديم البشارة والله أعلم. 200- مسألة: قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}. وقال: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}. ما فائدة السعي وهو مضمون؟ جوابه: أنه تكفل برزقها على الوجه المعتاد والمشروع لمصالح العالم وعمارة الدنيا وكما يخلق الولد على الوجه المعتاد من الوطء وغيره، وإن كان قادرا على إيجاده اختراعا أوليا. 201- مسألة: قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ} وفي حم السجدة: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ}. جوابه: أن آية هود تقدمها: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ} فأغنى عن إعادتها ثانيا، ولم يتقدم ذلك في حم السجدة فذكرها. 202- مسألة: قوله تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} جوابه: أن ذلك الخطاب يجوز من النبي صلى الله عليه وسلم للكفار أي فإن لم يستجيبوا لكم من دعوتموهم فاعلموا، فيكون من تمام خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم. ويجوز أن يكون الشرط خطابا من الله تعالى للمؤمنين، ويكون قوله تعالى: {فَاعْلَمُوا} أي فدوموا على علمكم، ويعنى بعلم الله: بإذنه، أو بعلمه بالغيوب وبمعلوماته. 203- مسألة: قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآية. وقال في آل عمران في يوم أحد: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} الآية وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟. جوابه: من وجوه: قيل: هو عام ومعناه خاص في الكفار من أهل الكتاب والربانيين وغيرهم. وقيل: هو في العصاة من المؤمنين، ويكون قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ} إن جازاهم على ذلك، لكنه يعفو عنهم إذا شاء. وقيل: المراد من كان يريد الدنيا فقط خاصة دون الآخرة لعدم إيمانه بها أو إهماله لشأنها. 204- مسألة: قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} أين خبره؟. جوابه: هو محذوف لدلالة الكلام عليه، وهو كثير في القرآن جريا على عادة كلام العرب لفهم المعنى منه تقديره: كمن هو ضال كفور. 205- مسألة: قوله تعالى: {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} والشرط لا يكون إلا مستقبلا؟. جوابه: أن تقديره إن بنت، أو بان أو صح أنى افتريته فعلى إجرامي. 206- مسألة: قوله تعالى في قصة عاد ومدين: {ولمَّا} بالواو وفي قصة ثمود وقوم لوط بالفاء؟. جوابه: قصة صالح ولوط جاءتا في سياق الوعد المؤقت بالعذاب فناسب الفاء الدالة على سببية الوعد لما جاء. وقصة عاد ومدين جاءتا مبتدأتين غير مسببتين عن وعد مؤقت لسابق فجاءا بواو العطف على الجملة التي قبلها. 207- مسألة: قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ}. وفي الحجر: {وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)} استثنى امرأته في هود ولم يستثنها في الحجر، وفي الحجر خاصة: {وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ}؟. جوابه: أنه تقدم في الحجر: {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ} فأغنى عن إعادة استثنائيا، ولم يتقدم ذلك في هود، فذكرها فيها. وأما قوله تعالى: {وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ} فليكون وراء أهله في السير فيتحقق نجاتهم مما أصاب قومه فيتحقق ما وعده به الملائكة الرسل إليه. 208- مسألة: قوله تعالى: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} وفي الحجر: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)}؟. جوابه: أن ابتداء عذابهم الصبح، وآخره لشروق الشمس، فعبر هنا عن ابتداء العذاب، وفي الحجر عن انتهائه بالشروق والإشراق، والله أعلم. 209- مسألة: قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ} وفي العنكبوت: {فَقَالَ يَا قَوْمِ}؟. جوابه: أن سياق ما تقدم من قصص الأنبياء خال عن الفاء في مثل ذلك، وآية العنكبوت تقدمها القصص بالفاء في مثله، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ} {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ}، فناسب سياق ذلك فقال بالفاء هنا. 210- مسألة: قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا} وفي قصة صالح ولوط: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} بالفاء؟. جوابه: أن شعيبا لم يوقت لهم العذاب، ولا توعدهم بسرعته، فجاء بالواو لأنه غير منتظر. وفى قصة صالح ولوط وقت لهما العذاب، فصالح قال: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام وفي لوط: إن موعدهم الصبح، فجاءت بالفاء المؤذنة بالسبب. اهـ. .قال مجد الدين الفيروزابادي: قوله: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ} بحذف النَّون، والجمع، وفي القصص: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاعْلَمْ} عدّت هذه الآية من المتشابه في فصلي: أَحدهما حذف النّون من: {فَإِلَّم} في هذه السّورة وإِثباتها في غيرها. وهذا من فَصْل الخَطِّ. وذُكر في موضعه. والثاني جمع الخطاب هاهنا، وتوحيده في القصص؛ لأَنَّ ما في هذه السّورة خطاب للكفَّار، والفعل لمن استطعتم، وما في القصص خطاب للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم، والفعل للكفاَّر. قوله: {وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} سبق. قوله: {لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ}، وفي النَّحل: {هُمُ الْخَاسِرونَ}؛ لأَنَّ هؤلاءِ صدُّوا عن سبيل الله، وصَدُّوا غيرهم، فضَلُّوا وأَضَلُّوا؛ فهم الأَخسرون يضاعف لهم العذابُ، وفي النَّحل صدُّوا، فهم الخاسرون. قال الإِمام: لأَنَّ ما قبلها في هذه السّورة، (يبصرون، يفترون) لا يعتمدان على أَلف بينهما، وفي النحل (الكافرون والغافلون) فللموافقة بين الفواصل جاءَ في هذه السّورة: الأَخسرون وفي النَّحل: الخاسرون. قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ} بالفاءِ وبعده: {فَقَالَ الْمَلأُ} بالفاءِ وهو القياس. وقد سبق. قوله: {وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ} وبعده: {وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} وبعدهما: {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا}؛ لأَنَّ (عنده) وإِن كان ظرفًا فهو اسم فذكر في الأُولى بالصّريح، والثانية والثالثة بالكناية؛ لتقدم ذكره. فلمّا كُنى عنه قد ذم؛ لأَنَّ الكناية يتقدّم عليها الاسم الظَّاهر نحو ضرب زيد عمرًا فإِن كنيت عن عمرو قدّمته؛ نحو عمرو ضربه زيد. وكذلك زيد أعطاني درهمًا من ماله، فإِن كنيت عن المال قلت: المالُ زيدٌ أعطاني منه درهمًا. قال الإِمام: لمّا وقع: {آتَانِي رَحْمَةً} في جواب كلام فيه ثلاث أَفعال كلُّها متعدّ إِلى مفعولين ليس بينهما حائل بجارّ ومجرور وهو قوله: {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مَثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ} و: {نَظُنُّكُمْ كَاذِبِيْنَ} أُجرى الجوابُ مُجراه، فجُمع بين المفعولين من غير حائل. وأَمّا الثاني فقد وقع في جواب كلام قد حِيل بينهما بجارٍّ ومجرور، وهو قوله: {قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا}؛ لأَنَّ خبر كان بمنزلة المفعول، لذلك حيل في الجواب بين المفعولين بالجارّ والمجرور. قوله: {لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ} في قِصّة نُوح، وفي غيرها: {أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ} لأَنَّ في قصّة نوح وقع بعدها {خزائن} ولفظ الال للخزائن أَليق. قوله: {وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} وفي الأَنعام: {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ}؛ لأَنَّ ما في الأَنعام آخر الكلام بدأَ فيه بالخطاب، وخَتَم به، وليس ما في هذه السّورة آخر الكلام، بل آخره: {تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ} فبدأَ بالخطاب وخَتَم به في السّورتين. قوله: {وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} وفي التَّوبة: {وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا} ذُكر هذا في المتشابه، وليس منه؛ لأَنَّ قوله: {وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} عَطْف على قوله: {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي}، فهو مرفوع، وفي التَّوبة معطوف على: {يُعَذِّبْكُمْ وَيَسْتَبْدِلْ} وهما مجزومان، فهو مجزوم. قوله: {وَلَمَّا جاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا} في قصّة هود وشعيب بالواو، وفي قصّة صالح ولوط: {فلمّا} بالفاءِ؛ لأَنَّ العذاب في قصّة هود وشعَيب تأَخَّر عن وقت الوعيد؛ فإِنَّ في قصّة هود: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ} وفي قصّة شعيب: {سَوْفَ تَعْلَمُوْنَ} والتَّخويف قارنه التسويف، فجاءَ بالواو والمهلة، وفي قصّة صالح ولوط وقع العذاب عقِيب الوعيد؛ فإِنَّ قصّة صالح: {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ}، وفي قصّة لوط: {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} فجاءَ بالفاءِ للتَّعجيل والتَّعقيب. قوله: {وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدُّنْيَا لَعْنَةً} وفي قصّة موسى: {فِي هذه لَعْنَةً}؛ لأَنَّه لمّا ذكر في الآية الأُولى الصّفة والموصوف اقتصر في الثَّانية على الموصوف؛ للعلم به والاكتفاءِ بما فيه. قوله: {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} وبعده: {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}؛ لموافقة الفواصل. ومثله: {لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ}، وفي التَّوبة: {لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} للرَّوِىّ في السّورتين. قوله: {وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} وفي إِبراهيم: {وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}؛ لأَنَّ في هذه السّورة جاءَ على الأَصل {وتدعونا} خطاب مفر، وفي إِبراهيم لمّا وقع بعده (تدعوننا) بنونين، لأَنه خطاب جمع، حذف النَّون استثقالًا للجمع بين النّونات، ولأَنَّ في سورة إِبراهيم اقترن بضمير قد غَيّر ما قبله بحذف الحركة، وهو الضَّمير المرفوع في قوله: {كفرنا}، فغيّر ما قبله في {إِنَّا} بحذف النُّون، وفي هود اقترن ضمير لم يغيّر ما قبله، وهو الضمير المنصوب، والضَّمير المجرور في قوله: {فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} فصحّ كما صحّ. قوله: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} ثمّ قال: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} التذكير والتأْنيث حَسَنان، لكنَّ التذكير أَخفّ في الأُولى. وفى الأُخْرى وافق ما بعدها وهو: {كَمَا بَعِدَتْ ثَمُوْد} قال: الإِمام: لمّا جاءَت في قصّة شُعَيْب مرّةً الرّجْفة، ومرّة الظُّلَّة، ومرّة الصّيحة، ازداد التَّأْنيث حُسْنًا. قوله: {فِيْ دِيَارِهِمْ} في موضعين في هذه السّورة فحسب، لأَنّه اتصل بالصّيحة، وكانت من السماءِ، فازدادت على الرّجْفة؛ لأَنَّها الزلزلة، وهى تختصّ بجزء من الأَرض فجُمعت مع الصّيحة، وأُفردت مع الرّجفة. قوله: {إِنَّ ثَمُوْدًا} بالتنوين ذكر في المتشابه. وثمود من الثَّمْد، وهو الماء القليل، جُعل اسم قبيلة، فهو منصرف من وجه، وممنوع من وجه، فصرفوه في حالة النَّصب؛ لأَنَّه أَخف أَحوال الاسم، ومنعوه في حالة الرّفع؛ لأَنَّهُ أَثقل أَحوال الاسم، وجاز الوجهان في الجرّ؛ لأَنَّه واسطة بين الخِفَّة والثِّقَل. قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ} وفي القصص: {مُهْلِكَ الْقُرَى}؛ لأَنَّ الله سبحانه وتعالى نفى الظُّلم عن نفسه بأَبلغ لفظ يستعمل في النفي؛ لأَنَّ هذه الَّلام لام الجحود، ولا يظهر بعدها (أَنْ) ولا يقع بعدها المصدر، ويختصّ بكان، ولم يكن، ومعناه: ما فعلت فيما مضى، ولا أَفعل في الحال، ولا أَفعل في المستقبل، (وكان) الغايةَ في النَّفي، وفي القصص لم يكن صريحُ ظلم، فاكتفى بذكر اسم الفاعل، وهو لأَحد الأَزمنة غير معيّن، ثمّ نفاه. قوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} استثنى في هذه السّورة من الأَهل قوله: {إِلاَّ امْرَأَتَك} ولم يستثن في الحجْر اكتفاءَ بما قبله، وهو قوله: {إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ} فهذا الاستثناءُ الَّذي انفردتْ به سورة الحِجْر قام مقام الاستثناءِ من قوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الْلَّيْلِ} وزاد في الحجر: {وَاتَّبَعَ أَدْبَارَهُمْ}؛ لأَنَّه إِذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم. اهـ.
|